الرئيسيةبحث

كارلايل، توماس ( Carlyle, Thomas )



كارلايل، توماس (1795-1881م). كاتب مقالات ومؤرخ أسكتلندي. كان يعد في بعض الأوقات أشهر فيلسوف اجتماعي في بريطانيا الفكتورية. وقد انحسرت شهرة كارلايل في القرن العشرين، ولكن أعماله ما زالت تقرأ نظرًا لأفكاره المتميزة عن الديمقراطية والبطولة والثورة.

سيرته المبكرة:

ولد كارلايل في إكسليفيشان بالقرب من دمفريز بأسكتلندا، وفي عام 1819م، شد الرحال إلى أدنبرة وشرع في كتابة مقالات علمية وأدبية لكبريات المجلات بالمدينة ولدوائر المعارف. وفي عام 1826م اقترن كارلايل بزوجته جين ولش، وهي ابنة طبيب أسكتلندي. وبعد عامين، انتقل الزوجان إلى كريجنبوتوك، وهي مزرعة جين كارلايل بالقرب من دمفريز.

وفي كريجنبوتوك، كتب مؤلفه سارتور ريسارتوس الذي نشر في عامي 1833 و1834م، وحقق له شهرة واسعة، ومازال يعد أهم أعماله أصالة وثباتًا. وهذا الكتاب عمل قصصي موسع يدور حول شخصية متخيلة لفيلسوف ألماني. وعبر كارلايل من خلال هذه الشخصية عن أفكاره وتجاربه الذاتية، مما جعل من سارتور ريسارتوس واحدة من أشهر السير الذاتية، ومن أكثر السير غموضًا في تاريخ الأدب. وقدم هذا العمل إلى القراء ما يعرف بالكارلايلية، وهو أسلوب للكتابة يستخدم مفردات غنية وجملاً ذات بنيات معقدة.

انتقل كارلايل إلى لندن في عام 1834م وبدأ في كتابة تاريخ الثورة الفرنسية، وقام بإعارة المخطوطة الكاملة لأول مجلد إلى الفيلسوف جون ستيوارت ميل، ولكن خادمته أحرقتها مصادفة. وقام كارلايل عندئذ بإعادة كتابة مؤلفه الثورة الفرنسية، معتمدًا في ذلك إلى حد كبير على ذاكرته، ونشره في عام 1837م. ناقش كارلايل في كتابه الثورة الفرنسية مخاطر ووعود الثورة، كما ألقى عدة محاضرات عامة من بينها سلسلة نشرها تحت عنوان عن الأبطال وتقديس البطل والبطولة عبر التاريخ (1841م). وفي ذلك الكتاب قال كارلايل: إن السبب الرئيسي للتقدم الاجتماعي هو وجود زعيم بطولي قوي، وخصص فصلاً عن الرسول الكريم محمَّد ﷺ عدَّد فيه صفاته واعتبره من أفضل قادة الأمم.

سيرته اللاحقة:

في أربعينيات القرن التاسع عشر التفت كارلايل إلى ماسماه بـ قضية إنجلترا أي قضية الفقر الجماعي القائم بجانب الثراء المتزايد لأبناء الطبقة الوسطى. وفي كتابه الماضي والحاضر (1843م)، هاجم كارلايل الظروف السياسية والاجتماعية، ودعا إلى إحياء أساليب حياة معينة تعود إلى القرون الوسطى قبل اختراع الآلات. وأوحى الكتاب للعديد من الناس في إنجلترا الفكتورية بمحاولة إصلاح الشرور الاجتماعية.

ثم أعد كارلايل دراسة حول أوليفر كرومويل حاكم إنجلترا خلال اتحاد الكومنولث الذي ظهر في القرن السابع عشر الميلادي. وحملت الدراسة عنوان الرسائل وخطب أوليفر كرومويل مع شرحها (1845م). وناقش كارلايل أفكاره حول الحاجة إلى بطل يتزعم التغيير الاجتماعي ويقوده، وأشار إلى أن هناك حاجة إلى بطل يوفر الحلول لمشكلات بريطانيا.

وفي عام 1848م، وقفت بريطانيا على شفا ثورة بسبب حركة الميثاقية التي نادت بمنح العمال حق التصويت. ★ تَصَفح: الميثاقية. وحولت احتمالات اندلاع أعمال عنف بسبب الإصلاح الانتخابي، كارلايل وآخرين رسميًا من مفكرين تقدميين إلى محافظين فيما يتعلق بالمسائل الاجتماعية. وكتب كارلايل معارضًا الإصلاح الانتخابي وإمكانية ظهور مجتمع تهيمن عليه الطبقة العاملة في مؤلَّفَيْه كراسة آخر اليوم (1850م) وسيرة فريدريك الكبير الذي نشر من عام 1858م وحتى 1865م. اتفق العديد من القراء مع وجهات نظر كارلايل المحافظة. غير أن آخرين لم يوافقوا على النزعة التطرفية في كتاباته الأخيرة التي أسهمت في تدهور سمعته. وحظي كارلايل في أواخر سني حياته بالتكريم العام عدة مرات، ومع ذلك، فقد ظل قلقًا بشأن النمو المطرد للديمقراطية في بريطانيا.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية