الإفلاس ( Bankruptcy )
☰ جدول المحتويات
الإفلاس حالة توقف شخص ما عن الوفاء بديونه وصدور حكم بإفلاسه. في حالة الإفلاس توزّع جميع ممتلكات المدين أو المُفلس على الدائنين بنسبة الدَّيْن الذي يستحقه كل واحد منهم. يُنهي الإفلاس الديون مرة واحدة لجميع أصحاب الحقوق ويضمن للدائنين أن يتلقوا حِصصًا مُناسبة في أية موجودات مُتاحة. خلال فترة الإفلاس، يُمنع المدين من إدارة شؤونه المالية الخاصة.
والمفلس في عرف الفقهاء هو من دَيْنه أكثر من ماله، وخرجه أكثر من دخله. وسموه مفلسًا وإن كان ذا مال، لأن ماله مستحق الصرف في جهة دينه فكأنه معدوم، وسمِّي مفلسًا لأنه لا مال له إلا الفلوس وهي أدنى أنواع المال وهو الشيء التافه الذي لا يعيش إلا به والمفلس بهذا المعنى يكون هو والمعسر سواء.
ومتى ألزم المفلس بسداد ديون حالَّة ولجأ غرماؤه إلى الحاكم وجب على الحاكم إجابتهم بما لهم وقام بالحجر على المفلس، ومنعه من التصرف في عين ماله وأذن للغرماء بأن من وجد عينا لماله فهو أحق به من سائر الغرماء ثم على الحاكم بعد هذا بيع ما للمفلس وإيفاء الغرماء وسدادهم. يدل على هذا ما روى كعب بن مالك أن رسول الله ﷺ حجر على معاذ بن جبل وباع ماله. وفي رواية عن عبدالرحمن بن كعب: حتى قام معاذ بغير شيء.
والإفلاس في القانون الوضعي له إجراءات قانونية تُتَّخذ لإدارة أعمال الشخص بعد أن يصبح عاجزًا عن الدفع. تتصل حوادث الإفلاس في أُستراليا والهند ونيوزيلندا والمملكة المتحدة بأفراد مُستقلين بما في ذلك المُشاركات. وللشركات إجراءات قانونية خاصة فيما يتعلق بالاحتياطيات عندما تصبح مُعْسِرة. ففي الولايات المُتحدة وفي كثير من الدول الأُوربية تستعمل احتياطيات الإفلاس الخاصة بشركات مُعينة بالإضافة إلى الأفراد.
ولايعدُّ الإفلاس جريمة جنائية مالم يُرافقه احتيال، ولكن يكون الشخص المُعلن إفلاسه مُقيدًا في الشؤون المالية والتجارية. فمثلاً لايُمكنه أن يحصل على قرض أكثر من مقدار ضئيل محدد، ولايُمكن أن يُصبح مُديرًا للشركة مالم تخل المحكمة ساحته. كذلك يجب على المُفلس أن يُعلن عن جميع ديونه وموجوداته ويقدم دفاتر حساباته، وإذا لم يستطع أن يفي بأي من هذه الأمور فإن ذلك يدخله تحت طائلة الجرم الجنائي.
تبدأ الدعاوى القضائية للإفلاس بالتقدم بعريضة إلى المحكمة، إما من قِبَل المدين نفسه أو الدائن، بعد أن يُتَّخَذ قرار الإفلاس. تتضمن الدعوى القانونية اتهامًا للمدين بالتهرب من دفع الديون وعدم الإذعان لأوامر المحكمة للدفع. أما مِقدار المال الذي ينبغي أن يكون للدائن قبل أن يُباشر الإجراءات القانونية فيحدِّده القانون، وبالمثل يُمكن للمدين أن يُباشر الإجراءات في حالات يحددها القانون أيضًا، وبمجرد أن تقبل المحكمة الالتماس المقدم إليها يصدر قرار بالمثول أمام المحكمة، ثم يعلن المعلن عن اجتماع لكل الدائنين.
ومالم يقدم المدين نفسه التماسًا فلا يصدر حكم بالإفلاس وذلك حتى يأخذ المدين فُرصة ليقدم خطة لترتيبات الدفع للدائنين، فإذا قبل الدائنون ذلك فلا يصدر حكم بالإفلاس وإنما يُعَيَّن وصيٌّ ليقوم بإدارة المشروع أو الخطة بطريقة مماثلة للإفلاس ؛ ويعرف هذا أحيانا باسم الإفلاس الشخصي. ومالم تُقدَّم خطة أو حتى إذا قدمت خطة ورُفضت فإن الدائنين يقومون بتعيين وصي أو وكيل ليقوم بمهام التصفية نيابة عن المدين.
بعد أن يصدر القرار يجري استجواب علني في اجتماع محكمة. وتُقيّم المحكمة ملكية المَدين، وتبحث تمامًا في إدارة الشؤون التجارية للمدين، وبعد ذلك يضبط الوصي بالنيابة عن الدائنين بيع موجودات المُفلس. والهدف من ذلك هو تحويل كُل مايُمكن إلى الدائنين أو تُباع الموجودات للتعويض عن الديون. لكن هُناك أملاكًا مُعينة لايُمكن أن تُباع، وتتضمن هذه أي ملكية تكون تحت وصاية المُفلس ائتمنه عليها شخص آخر، وكذلك وسائل التجارة للمُفلس وملابسه وعائلته وأسِرّة النوم حتى قيمة مُعينة، ومعاش مُعين وعلاوات يُمكن أن يتسلمها أثناء فترة الإفلاس. ويُمكن للمُفلس أن يواصل التجارة أو أي وظيفة، ولكن تذهب جميع الأرباح والمكاسب أو أي دخل آخر إلى محصل رسمي، وتُقرر المحكمة المِقدار الذي يحتفظ به المُفلس.
وتكون الأولوية لديون مُعينة قبل الوفاء بديون أُخرى، ومن ذلك الرسوم والضرائب، وأجور تستحق الدفع للموظفين، كما يُمكن أن يُطالب الدائنون المؤمَّنون بملك مضمون إذا أخفق المدين في تدبير الدفع، ولاتشمل أمثال هؤلاء الدائنين دعاوى الإفلاس. يجب أن يحول الدائن المؤمّن المِلك المضمون قبل أن يُصبح قادرًا على أن يُشارك في أي دفع من قبل الوصي، وبمجرد أن يتم الدفع لذوي الأسبقيات، يبدأ في الدفع لبقية الدائنين بنسبة المال الذي دفعه كل منهم، وهذه الحصة من المال التي تدفع للدائنين تسمى أرباح الأسهم.
ينتهي الإفلاس بإصدار المحكمة قرار الإعفاء، وهي مُخَولة عادةً إذا كان الدائنون قد تسلموا حِصصًا نسبية معقولة بشرط عدم مُخالفة ذلك لشروط الإفلاس، ويُقدم تقريرٌ من قِبل المتسلّم الرسمي إلى المحكمة أثناء السماع، ويمكن أن يعارض الدائنون قرار الإعفاء إذا لم يحصلوا على حصص معقولة وإذا كانت هناك ثمّة فرصة حقيقية بأن المُفلس يُمكن أن يُصبح قادرًا على زيادة قيمة ما تسدَّد في المحكمة.
يستعيد المُفلس مسؤولية شؤونه الخاصة بعد الإعفاء، ولكن يجب أن يستمر في دفع بعض التكاليف والنفقات إلى المحكمة، وعادةً مايكون المُفلس قد أُعفي من الديون التي كانت موضوع الإفلاس.
نبذة تاريخية
كان المدينون في العهد الروماني وكذلك في أوروبا في القرون الوسطى تصادر منهم أملاكهم لصالح الدائنين، وكان أصحاب الأعمال والتُجار غالبًا مايُعامَلون بشكل مُختلف عن بقية المدينين، وقد أصبح السجن عِقابًا مُعتادًا للديّن في إنجلترا خلال القَرن الثامن عشر، لكنه كان يسبِّب إحباطًا نفسيًا. وفي عام 1705م، صدر تشريع سمح بموجبه للمدينين أن يتخلوا عن المسؤولية القانونية شريطة أن يتعاونوا مع السُلطات في محاولة الدفع للدائنين، وقد وُضِعَت الدعاوى الاختيارية للدَّيْن موضع التنفيذ في عام 1844م، واتبعت أستُراليا ونيوزيلندا إجراءات مُشابهة لتلك التي ترسخت في إنجلترا ؛ وفي أستراليا أصبحت قوانين الإفلاس الفيدرالية نافذة المفعول في عام 1928.