الرئيسيةبحث

الأنزاك ( Anzac )


أيقونة تكبير قوات الأنزاك

الأَنْــزاك قوة عسكرية أسترالية مكوَّنة من أفراد المتطوعين تشكَّلت في مصر إبان الحرب العالمية الأولى (1914- 1918م). اشتركت هذه القوة وقوامها 30,000 رجل مع قوات الحلفاء الأخرى في اجتياح شبه جزيرة جاليبولي في 25 أبريل عام 1915م.

جاء القرار بمهاجمة مضيق الدردنيل استجابة لاستغاثة الحكومة الروسية، عندما ازداد الضغط على القوات الروسية في جبال القوقاز، وكانوا يطمحون في أن هجومًا بريطانيًا قد يجبر الأتراك على الانسحاب. وعندما مُني الهجوم البريطاني على مضيق الدردنيل بالفشل، قررت المملكة المتحدة القيام بمحاولة احتلال شبه جزيرة جاليبولي.

كان إنزال القوات الحليفة فوق شبه الجزيرة أضخم إنزال في التاريخ آنذاك. إذ اشترك فيه 75,000 من الضباط والجنود من كل من أستراليا وبريطانيا وفرنسا ونيوزيلندا.

تم إنزال القوة الرئيسية في طرف شبه الجزيرة. وأنْزِل الأستراليون والنيوزيلنديون الأنزاك في غاباتيب، لمسافة تزيد على 16كم إلى أقصى الشمال، في جزء سمى جُب الأنزاك. وقد أُنزِل على الشاطئ 16,000 رجل في أول يوم للقتال، كان معظمهم بلا خبرة قتالية سابقة. تم إنزالهم من على السفن الحربية والمدمِّرات قبل الفجر بقليل. وبعد ذلك تتابع إنزال المزيد على دفعات.

مُنيت القوات الحليفة بإصابات بالغة، وخاصة بين الأنزاك خلال عمليات الإنزال حيث أخذ الأتراك احتياطاتهم لكثرة الهجمات البحرية للحلفاء، مما جعلهم يدعمون تحصيناتهم الحربية في أنحاء شبه الجزيرة. ولم تتمكن قوات الأنزاك من التقدم لأكثر من كيلومتر أو كيلومترين داخل شبه الجزيرة، لأن أداء الأتراك تميّز بالشجاعة الفائقة والمرونة. وقد أبلوا بلاءً حسنًا أثناء دفاعهم عن منطقة لون باين (أحد استحكامات الأتراك القوية). وقد كان للقوات التركية مواقع حصينة بشبه الجزيرة، غير أن جهد الطرفين باء بالفشل وفي الحصول على مكاسب كبيرة.

فرق الأنزاك العسكرية قامت بالاشتراك في أكبر حملات الإنزال العسكرية في التاريخ. وكان ذلك عام 1915م. وقد تكدست الشواطئ بالمؤن والعتاد العسكري بطول الساحل الصخري شديد الانحدار لشبه جزيرة جاليبولي التركية.
وتكالبت الطبيعة الجغرافية للمنطقة مع الحجم المحدود للقوات الحليفة على الحد من تقدمهم لأكثر مما حصلوا عليه من مواقع قليلة. وقد دفعت خسائرهم الفادحة رئاسة القيادة العامة إلى إصدار أوامرها لهم بالانسحاب من شبه الجزيرة. وتم ذلك في ديسمبر عام 1915م بعد أن أنزل بهم الجيش التركي الهزيمة.

بلغ عدد القتلى من الجنود الأستراليين في تلك الحملة 5,833، كما مات 1,985 من بين المصابين في المعارك نفسها، حتى أصبح مجموع من فقدوا من الأستراليين 7,818. كما بلغ عدد الجرحى من الأستراليين 19,441. وبلغ عدد القتلى من النيوزيلنديين 2,721، وعدد الجرحى 4,752.

استُعملت كلمة أنزاك أول مرة في مصر. إذ قام الرقيبان الأستراليان ليتل وملنجتون بعمل خاتم مطاطي بالأحرف أ.ن.ز.ا.ك. لتوثيق السجلات برئاسة القوات بالقاهرة. وعندما قررت الرئاسة استعمال اسم شفري لها، قام الملازم أ.ت.وايت ـ وهو كاتب بديوان الجنرال بيردوود القائد برئاسة القوات ـ باقتراح استعمال أحرف كلمة أنزاك نفسها للاسم الشفري. وادّعى الرقيب ليتل فيما بعد، أنه هو الذي أوعز بالاقتراح للملازم وايت واعْتُمِد الاسم الشفري للاستعمال في يناير عام 1915م.

وصار يوم 25 أبريل عيدًا قوميًا تذكاريًا لأنزاك، وعطلة رسمية في كل من أستراليا ونيوزيلندا. أقيم أول هذه الأعياد في برزبين في عام 1916م. وقامت بقية الولايات بتقليد كوينزلاند في الاحتفاء بهذه الذكرى تخليدًا للتضحيات التي قامت بها القوات الأسترالية والنيوزيلندية والبريطانية وبقية القوات الحليفة في مسرح العمليات الحربية في العقود التي أعقبت عام 1900م. ويَعْمِد قدامى المحاربين إلى التجمُّع في هذه المناسبة للاشتراك في المواكب العسكرية في الطرقات للاحتفاء بهذه الذكرى.

ويحتفي كثير من القادة والمحاربين بذكرى الذين استبسلوا في حملة جاليبولي العسكرية. ويوجد بمدينة ملبورن تمثال أقيم لتخليد ذكرى أعمال جليلة قام بها محارب مغمور، يُدعى جون سيمبسون كيركباتريك، اشتهر باسم سمسمون. قام هذا المحارب بإنقاذ كثير من جرحى الخطوط الأمامية مستعينًا بحماره المسمى دفي أثناء الشهور الأولى بجاليبولي. وعندما قُتِل في 19 مايو عام 1915م رجع حماره إلى المعسكر وحيدًا.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية