الفصفصة ( Alfalfa )
☰ جدول المحتويات
حقول الفصفصة تُحصد بعد أن يبدأ النبات في الإزهار (إلى اليمين). تحتوي أوراق وسيقان النبات (إلى اليسار) على كميات كبيرة من الأملاح المعدنية والبروتينات والفيتامينات. يزرع الفلاحون الفصفصة بوجه عام علفًا للماشية. |
يُزرع نبات الفصفصة على مساحة تبلغ نحو 32 مليون هكتار على مستوى العالم. ومناطق زراعته الرئيسية هي أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية وأستراليا وجنوبي أوروبا والاتحاد السوفييتي (سابقاً). وتنتج الولايات المتحدة الأمريكية نحو 77 مليون طن متري سنويًا، وتأتي كل من الأرجنتين والاتحاد السوفييتي (سابقاً) في المرتبة الثانية. وفي الولايات المتحدة تأتي وسكنسن وكاليفورنيا في طليعة الولايات التي هي أعلى إنتاجاً له. أما في كندا فيُنتج في مقاطعات ألبرتا ومانيتوبا.
نبات الفِصْفِصَة
نبات الفصفصة له سيقان نحيلة تتفرع من البراعم الموجودة على تاج النبات. تنمو العقد الصغيرة على الجذور. وتأخذ البكتيريا الموجودة في العقد النيتروجين من الهواء. وللنيتروجين أهمية كبرى لصحة النبات ونموه. |
والفصفصة من البقوليات، ومن فصيلة البازلاء. ويحمل النبات قرونًا تنمو في كل منها ما بين أربع وست بذور. وللنبات العديد من السيقان النحيلة التي يبلغ طول الواحدة منها عند نموها نحو متر واحد، وتحمل الساق أوراقًا من ثلاث وريقات. وللنبات أيضًا، قاعدة متخشبة تقع بين الساق والجذر. وتنضج الساق الجديدة في نحو ستة أسابيع، وتنمو إما عمودية في بعض أنواع الفصفصة، أو أُفقية في البعض الآخر. ويستفاد من الأوراق والساق فقط علفًا للحيوانات.
تنمو الأزهار على الساق وتعرف بالعنقود. ويحوي كل عنقود، بين خمس زهرات و50 زهرة. ويلاحظ أن معظم أزهار الفصفصة أرجوانية اللون، ولكن بعضها الآخر أخضر أو أبيض أو أصفر أو متعدد الألوان.
تنمو معظم جذور هذا النبات على سطح التربة العلوي، لكن في التربة الخصبة، تمتد بعض الجذور إلى عمق 4,5م. وتستطيع هذه الجذور العميقة الحصول على الماء من أعماق بعيدة تحت السطح. وبسبب هذه الجذور يتميز النبات بمقاومة كبيرة للجفاف مقارنة بالعديد من المحاصيل الأخرى.
استخدامات الفصفصة
تغذية الماشية:
ترعى الأبقار بعض أنواع الفصفصة، لكن المزارعين يحتفظون بأغلب المحصول في صورة التبن، أو العلف المخزّن المطمور أو المكور أو المجروش، ويمكن تخزين كل هذه الأنواع. وفى أغلب الأوقات يقوم الفلاحون بزراعة الفصفصة مع أعشاب معينة في حالة استخدامه علفًا للرعي، ثم يتركون ماشيتهم ترعى لمدة أربعة أسابيع أو أكثر، حتى تنمو الفصفصة من جديد. وتعرف هذه الطريقة لعلف الماشية بالرعي المتعاقب.يُقطع معظم النبات ويجفف ليستخدم تبنًا. ولصناعة التبن يقطع الفلاحون النبات ويتركونه لتجففه الشمس في الحقل. وعند قطعه يحوي النبات ما بين70% و80% من الماء. وقبل تخزينه في شكل تبن، يجب أن يحوي النبات من 15% إلى 30% من الماء. أما العلف الذي تقل فيه نسبة الماء عن 15% فيكون جافًا جدًا، ويصعب جمعه في صورة تبن حيث تسقط أوراقه المحتوية على مواد غذائية متنوعة، ويفقد الكثير من قيمته الغذائية. أما إن كانت نسبة الماء فيه تفوق 30% فإنه يتلف ولا يمكن تقديمه للماشية.
وتستخدم حزم التبن على نطاق واسع علفًا للدواجن والأبقار والأغنام. ويقوم الفلاحون بتحضير التبن علفًا لحيواناتهم أو يقومون بإنتاجه باعتباره محصولاً تجاريًا يباع لمربي الماشية الآخرين. ★ تَصَفح: التبن.
تخزن بعض أنواع تبن الفصفصة في شكل مكعبات يبلغ سمكها 2,5سم، تقوم بإنتاجها آلات كبيرة. لكن هذه العملية مكلِّفة. ومع ذلك فإن تبن المكعبات المجفف يمكن نقله لمسافات بعيدة وبتكاليف أقل مقارنة بالتبن المحزم.
وتُقطع بعض نباتات الفصفصة، ومن ثم تُخزَّن في سلوات (مباني أسطوانية خشبية أو أسمنتية محكمة الإغلاق). ويعتبر هذا العلف ذا نوعية جيدة تتميز عن التبن، كما أنه عملي في التغذية الآلية مقارنة بالتبن سواء كان محزماً أو سائبًا.
وبما أن العلف الجاف يجب أن يبقى في الحقل مدة أطول من العلف المخزن في السلوات حتى يجف، فإنه يصبح عُرضة للندى أو تأثير الطقس الرطب خلال تلك الفترة. ويسبب مثل هذا الطقس، للفصفصة المقطوعة حديثًا، العفونة وفقدان معظم قيمتها الغذائية. ونتيجة لذلك يحتفظ العلف المخزن بالعديد من المواد الغذائية التي قد يفقدها التبن.
تُصنَّع معظم الفصفصة المجروشة عن طريق تجفيف النبات تحت درجة حرارة عالية داخل مجفف، ومن ثم تطحن وتضغط في شكل كريات قد تخزن أو تباع. ويقدم الفلاحون الفصفصة المجروشة مباشرة لماشيتهم، أويستخدمونها في تحضير الأعلاف المخلوطة. ويضيف مربو الدواجن في معظم الأحيان وجبة الفصفصة لعلف الدواجن، لأنها تساعد في إنتاج نوعية عالية الجودة من البيض والدجاج.
غطاء نباتي:
يستخدم بعض المزارعين نبات الفصفصة غطاءً نباتيًا أو محصولاً واقيًا لتسميد التربة وحمايتها من التآكل. ويزيد هذا النبات خصوبة التربة لأنه يضيف كمية من النيتروجين أكبر من التي يستخدمها في نموه. ★ تَصَفح: النيتروجين. فالبكتيريا التي تعيش داخل العقد الصغيرة الموجودة على جذور الفصفصة تأخذ جزءًا من هذا النيتروجين، ويصبح المتبقي منه من مكونات التربة عند موت أو تحلل النبات. وفي معظم الأحيان يزرع الفلاحون محصول الفصفصة في دورة زراعية مع محاصيل أخرى من الحبوب التي تستفيد من النيتروجين المتبقي في التربة. وتستطيع جذور النبات المتفرعة في الأعماق حفظ التربة متماسكة، وبذا تساعد في حماية التربة من التعرية.إنتاج البذور:
يزرعه بعض الفلاحين بوجه عام للحصول على كميات من البذور التي يبيعونها إلى مزارعين آخرين يزرعونها علفًا للماشية.ويحتاج نبات الفصفصة الذي يزرع لإنتاج البذور إلى نهار مشمس وليل بارد حتى ينمو بنجاح. أما حصاده فيحتاج إلى طقس جاف. وإضافة إلى ذلك يجب على منتجي البذور تربية النحل لتلقيح أزهار النبات، لأن البذور لاتنمو إلا في حالة تلقيح الأزهار.
زراعة الفصفصة
تجفيف الفصفصة. لتجفيف الفصفصة لتكون تبنًا يقوم الفلاحون بقطعها وتجفيفها تحت الشمس في الحقل. يضغط التبن بالآلات (على اليمين). تحضر معظم وجبات الفصفصة بتجفيف النبات المقطوع تحت درجة حرارة عالية داخل مجفف (على اليسار) ثم تضغط في شكل كريات صغيرة. |
الإنبات والزراعة والحصاد:
يزدهر نبات الفصفصة في التربة الخصبة الجيدة الصرف، أي التي تكون متعادلة أو ذات قلوية ضعيفة. ★ تَصَفح: التربة. ويحتاج هذا النبات في الأقاليم القاحلة إلى الري لضمان نمو النبات. وقبل زراعته يقوم كثير من المزارعين بتسميد التربة بالأسمدة وإضافة مبيدات الحشائش ثم حراثة التربة، ومن ثم زراعة بذور الفصفصة تحت عمق 0,5سم من السطح. ويزرع أغلب الفلاحين الفصفصة في بداية الربيع أو في أواخر الصيف، ويحصدون المحصول الجديد كل أربعة أو ستة أسابيع. ويجب أن يكون موعد الحصاد محددًا، حتى يُقطع النبات قبل تكوُّن قرون البذور، ذلك لأن القيمة الغذائية للنبات تبدأ في الانخفاض عقب تفتح الأزهار.الأمراض والآفات:
هنالك العديد من الأمراض والآفات التي تؤدي إلى تلف المحصول، منها أمراض التفحمُّ والذبول البكتيري ،وتعفن القاعدة، وتعفُّن الجذور، وتبقُع الورق، واسوداد الساق الربيعي. وتسبب كل هذه الأمراض البكتيريا أو الفطريات. ويؤدي مرض تفحم النبات إلى تحطيم قاعدة ساق الفصفصة، بينما يبطئ الذبول البكتيري نمو النبات. ويؤدي كلا المرضين إلى موت النبات. أما عفن القاعدة والجذور فيؤذيان النبات إذا تعرض للطقس البارد أو للحشرات أو لأساليب الحصاد الخاطئة. ويؤدي مرض تبقع الورق واسوداد الساق الربيعي إلى انخفاض جودة وكمية المحصول، حيث يتسبب ذلك في سقوط أوراق النبات.استنبط العلماء أنواعًا من نبات الفصفصة تقاوم مرض التفحم والذبول البكتيري وتبقع الورق. لكن الأمراض الأخرى التي تهاجم النبات ظلت خارج السيطرة. ويُطبِّق الفلاحون في معظم الأوقات دورة زراعية للمحصول لتقليل الخسارة التي تحدث في النبات بسبب الأمراض. وبموجب هذه الطريقةُ يزرع محصول آخر خلاف الفصفصة في الحقل لمدة تتراوح بين عام وثلاثة أعوام قبل زراعة الفصفصة. وخلال هذه الفترة تُحرم الآفات التي تعيش على النبات من مصدر غذائها، ولذلك ينخفض عددها. ويمكن زراعة الفصفصة بأمان في الحقل.
ومن الآفات التي تهاجم النبات الجندب، وسوس الفصفصة، وحشرة البطاطس النطاطة، وقملة النبات وكذلك بعض الديدان الخيطية والأعشاب الضارة.
يُلحِق الجندب ضررًا كبيرًا بالفصفصة، خاصة في المناطق الجافة. ويقتات الجندب أساسًا الأوراق، لكنه يأكل السيقان العصارية. ويأكل السوس الذي يصيب الفصفصة الغضة (سوس الألفا ألفا) أوراق النبات، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض نوعية التبن. أما حشرة البطاطس النطاطة وقملة النبات فتحُد من نمو النبات، لأنها تمتص العصارات من سيقان النبات. وتعيش ديدان الساق الخيطية وديدان عقد الجذر طفليات في سيقان وجذور الفصفصة، وتؤدي إلى بطء نمو النبات مما يؤدي إلى انخفاض إنتاجيته. ويستخدم الفلاحون المبيدات الحشرية للسيطرة على الجنادب وحشرات البطاطس النطاطة. وقد قام الباحثون باستنباط أنواع من الفصفصة مقاومة لقملة النبات والديدان الخيطية لعقد الجذور والديدان الخيطية للساق. أما مبيدات الأعشاب فتُستَخدم للسيطرة على الأعشاب الضارة.
نبذة تاريخية
تعتبر الفصفصة المحصول الزراعي الوحيد الذي يستخدم علفًا للماشية. وقد جرت زراعته منذ عهود ما قبل التاريخ. ويُحتمل أن يكون أصله منطقة الشرق الأوسط. وتشير الرسوم على لوحات الآجر التي وجدت في تركيا أن الفصفصة كانت محصولاً مهمًا لتغذية الأبقار في المنطقة، وذلك في حوالي القرن الخامس عشر قبل الميلاد. وانتقلت زراعته إلى اليونان بحلول عام 490 قبل الميلاد، ولاحقًا إلى شمال إفريقيا وإلى الأقاليم التي تشمل ما يعرف الآن بإيطاليا وأسبانيا. وتنمو الفصفصة الآن بريًا في أجزاء من إفريقيا وآسيا وأوروبا.
وفي خلال القرن السادس عشر الميلادي نقل البريطانيون والأسبان نبات الفصفصة إلى أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية، وإلى ما يعرف الآن بجنوب غربي الولايات المتحدة. وقام العديد من المستوطنين بنقل النبات من أوروبا إلى المستعمرات الأمريكية. ومع ذلك لم يستطعيوا زراعته في العالم الجديد بسبب فقر التربة ووجود الأمراض والحشرات، ونتيجة لذلك لم يُزرع في مناطق واسعة من الولايات المتحدة إلا بعد منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. وفي ذلك العام نُقل من تشيلي ما يعرف بالبرسيم التشيلي إلى كاليفورنيا وزرِع فيها بنجاح، وبدأ الفلاحون في الولايات الأخرى في زراعته. وقد نُقلت أنواع أخرى من الفصفصة من المناطق الباردة في أوروبا وآسيا إلى الولايات المتحدة.
يقوم علماء تربية النبات، بصورة مستمرة، باستنباط أنواع جديدة من الفصفصة. ويُصنَّف نبات الفصفصة في ثلاث مجموعات رئيسية على حسب درجة تحمله لفصل الشتاء 1- قَوي المقاومة. 2- متوسط المقاومة. 3- ضعيف المقاومة. فالقَويّ المقاومة يمكنه تحمل البرد القارس، ويُزرع أساسًا في المناطق التي يسود فيها مثل هذا الطقس. أما متوسط المقاومة فيزرع بصورة رئيسية في أماكن برودتها أقل شدة، بينما يُزرع ضعيف المقاومة في أقاليم تتمتع بشتاء دافىء.