الرئيسيةبحث

لبيد بن ربيعة ( Labid- ibn- Rabi'ah )


لبيد بن ربيعة ( - 41هـ، - 661م). لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري الصحابي، يعد من شعراء المعلقات بإجماع الرواة، ومن أشهر الشعراء المخضرمين المعمرين. قدم على النبي ﷺ سنةَ وَفَدَ قومه بنو جعفر بن كَلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة فأسلم وحسن إسلامه. وكان يقال لأبيه ربيع المقُتِرين لجوده وسخائه، وقتلته بنو أسد في حرب بينهم وبين قومه. نشأ لبيد كريمًا كأبيه وآلى على نفسه في الجاهلية ألا تهب الصَّبا إلا أطعم الناس حتى تسكن، وظل على نذره في الإسلام. ويكنى لبيد أبا عقيل.

وصفه ابن سلام فقال: وكان لبيد في الجاهلية خير شاعر لقومه يمدحهم ويرثيهم ويعد أيامهم ووقائعهم وفرسانهم. وعدّه ابن قتيبة من شعراء الجاهلية وفرسانهم. وذكر الأصفهاني في ترجمته أن عمه هو أبو بَرَاء عامر بن مالك ملاعب الأسنة. أما أمه فهي تامرة بنت زنباع القيسية، إحدى بنات حذيمة بن رواحة.

ويكاد الرواة يجمعون على أن لبيداً هجر الشعر منذ هداه الله إلى الإسلام، ويزعمون أنه لم يقل شعرًا في الإسلام إلا بيتًا واحدًا، يختلفون فيه وفي نسبته، وهو قوله:

الحمد لله إذ لم يأتني أجلي حتى اكتسيت من الإسلام سربالا

وفي ديوانه عدد من القصائد لا تتفق مع هذه الرواية بل إنها تظهر أن لبيدًا ظل ينظم الشعر في الإسلام، كما كان ينظمه في الجاهلية. واختلف النقاد القدامى حول مكانته بين فحول الشعراء الجاهليين، فقد جعله ابن سلام في الطبقة الثالثة مع نابغة بني جعدة وأبي ذؤيب الهذلي، والشماخ بن ضرار، ولكن أبا عبيدة يعدُّه من شعراء الطبقة الثانية مع طرفة والأعشى. وفي شعر لبيد صلابة لفتت أنظار العلماء بالشعر، فأبو عمرو بن العلاء يصف شعره بأنه "رحى بَزْر" لما كان يحسه فيه من خشونة وإغراب. والأصمعي يقول عنه "طيلسان طبري": يعني أنه جيد الصنعة، وليس له حلاوة، ولكنهما بالرغم من ذلك يستجيدان شعره ويفضلانه لما فيه من دين وتقوى وصلاح. فالأصمعي يقول عنه: كان رجلاً صالحًا، أما أبو عمرو بن العلاء فقد كان يقول: ما أحب إليَّ شعرًا من لبيد بن ربيعة، لذكره الله عز وجل ولإسلامه، ولذكره الدين والخير ولكن شعره رحى بَزْر.

ولابن سلام رأي يخالف ماورد عن الأصمعي وأبي عمرو، فهو يصف شعر لبيد بأنه عذب المنطق رقيق حواشي الكلام.

ويكاد الرواة يجمعون على أن لبيدًا قد جوَّد فن الرثاء، وبرع فيه كل البراعة، مما جعل طه حسين يقدم لبيدًا على الخنساء في الرثاء. فهو عنده أبرع منها في تصوير الحزن، وصبِّ اليأس في القلوب صبًا في غير ضعف ولا وهن.

ومن أجمل شعره معلقته التي مطلعها:

عفت الديار محلها فمقامها بمنى تأبَّد غوْلهُا فرجامها

فبعد أن يقف في أبياتها الأولى على الأطلال ينتقل بعد ذلك للحديث عن حبيبته نوار فيقول:

بل ما تَذَكَّرُ من نَوار وقد نَأت وتقطعت أسبابهُا ورِمَامُها
مُرِّيَّةٌ حَلَّت بِفَيْدَ وجاورت أهل الحجاز فأين منك مَرامُها
فاقطع لُبانَةَ من تعرَّض وصلُه ولشرُّ واصل خلّة صَرَّامُها

ولعل أشهر ما قاله في الفخر أبياته:

إنا إذا التقت المجامع لم يزل منا لزازُ عظيمةٍ جَشَّامُها
من معشر سنّت لهم آباؤهم ولكلِّ قوم سنةٌ وإمامُها
لا يَطْبَعُون ولا يبور فعالهم إذْ لا تميل مع الهوى أحلامُها
فاقنع بما قَسَم المليك فإنما قَسَم الخلائقَ بيننا علاَّمُها

ومن شعر الحكمة قوله:

وما المال والأهلون إلا ودائع ولابد يومًا أن تُردَّ الودائع
وما الناس إلا عاملان فعامل يُتَبِّرُ ما يبني وآخر رافع
فمنهم سعيد آخذ بنصيبه ومنهم شقي بالمعيشة قانع

ومن أشهر قوله في طول أجله، أبياته التي ورد فيها:

ولقد سئمت من الحياة وطولها وسؤال هذا الناس كيف لبيد

المصدر: الموسوعة العربية العالمية