الرئيسيةبحث

البطالة ( Unemployment )



البطالة حالة الشخص الذي لا يجد عملاً، رغم أنه يبحث عنه بجد. ومصطلح البطالة لايشمل أولئك الأشخاص الذين لايبحثون عن عمل بسبب تقدّم السن أو بسبب إصابتهم بمرض عقلي أو جسماني أو بسبب إعاقة، كما لايشمل الأشخاص الذين ينتظمون بالمدارس أو يقومون بالواجبات المنزلية. فمثل هؤلاء الأشخاص يُصَنّفون بشكلٍ عام على أنهم خارج القوى العاملة.

وقد تنطوي البطالة على مشاكل كبيرة لكل من الفرد والمجتمع. فبالنسبة للفرد، تمثل البطالة دخلاً مفقودًا، ويمكن أن تؤدي البطالة في فترة ما إلى فقدان احترام الذات. أما بالنسبة للمجتمع، فإن البطالة يُمْكن أن تؤدي إلى الانخفاض في الإنتاج العام، وفي بعض الحالات تؤدي إلى الإجرام أو أي سلوك ضار بالمجتمع.

البطالة العادية:

تحدث البطالة العادية عندما لا تعمل أسواق العمل بكفاءة، حتى وإن توافرت الوظائف بقدر كبير. مثل هذه البطالة تشمل العمال الذين تركوا وظائفهم أو الذين فُصِلُوا ولم يحصلوا على وظائف جديدة. كما تشمل أشخاصاً آخرين مثل صغار السن والنساء اللاتي كنّ يعملن في منازلهن ولم تكن لهن وظائف ولكن بدأن البحث عنها الآن. وتسمَّى هذه البطالة البطالة قصيرة الأمد.

البطالة الموسمية:

نوع آخر من البطالة العادية يحدث في الصناعات التي يتم فيها خفض عدد عمالها خلال فصول مُعَيَّنة كل عام، مثل الصناعات الغذائية والبناء وصناعة السفن. ومثال ذلك كندا التي تتميّز بفصل شتاء طويل وبارد، لذلك تكون البطالة الموسمية فيها أكبر منها في البلدان الأكثر دفئاً.

البطالة الهيكلية:

تحدث عندما تكون مهارات الأشخاص الذين يبحثون عن عمل لا تتناسب مع الوظائف المتوافرة. ومثال ذلك أن يبحث عمال البناء عن عمل في وقت يعاني فيه سوق العمل من نقص في السكرتيرات أو في مبرمجي الحاسوب. كما تشمل البطالة الهيكلية أناساً يعيشون في مناطق تقلُّ فيها الوظائف بينما تتوافر الوظائف في مناطق أخرى. كما تشمل البطالة الهيكلية البطالة التقنية التي تنتج عن تطوير منتجات أو آلات أو وسائل إنتاج جديدة. مثل هذا التطوّر يحتاج إلى مهارات جديدة من العمال. وقد لايقل في هذه الحالة عدد فرص العمل المتاحة، لكن عدد الوظائف في مهن معينة ربما ينمو بسرعة أقل منه في غيرها، وربما يضمحلّ.

بطالة نقصان الطلب:

وهي تنجم عن انخفاضٍ عام في الطلب على العمال. ويحدث هذا عندما يصبح الإنفاق الكلي للمجتمع قليلاً جدًّا. فعندما لا تروج السلع، يلجأ كثير من المصانع إلى خفض إنتاجها وعدد العاملين بها. وبديلاً عن هذا، فإنه يُمْكن للصناعات الاحتفاظ بنفس المستوى من الإنتاج والتشغيل ولكن مع تخفيضِ كلٍّ من الأسعار والأجور.

وبطالةُ نقصان الطلب تُسَمَّى أيضاً البطالة الدورية، حيث تحدث في فترات ينخفض فيها النشاط الاقتصادي، ولكنها يُمْكن أيضاً أن تحدث في فتراتٍ ازدياد الرواج التجاري إذا كانت أعداد العمال تزيد بمعدل أكبر من ازدياد أعداد الوظائف المتاحة.

في فترة ثلاثينيات القرن العشرين، وخلال الركود الاقتصادي الذي عُرِفَ باسم الكساد العظيم، زادت البطالة بسرعة في بلدان كثيرة. ففي كندا وألمانيا والمملكة المتحدة، مثلاً، تراوح عدد الأشخاص العاطلين بين 13% و 20% من القوى العاملة. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، لم يتمكن 25% من الأشخاص الراغبين في العمل من الحصول عليه في نفس هذه الفترة. وبقي معدل البطالة الأمريكي يزيد على 14% حتى عام 1940م. وبعد أن دخلت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الثانية عام 1941 م، وصرفت حكومتها مبالغ طائلة بسبب الأعمال الحربية، انخفض معدل البطالة حتى وصل إلى 1,2% عام 1944م.

إحصاءات البطالة:

يختلف الاقتصاديون حول معنى معدل البطالة، أو الإحصاء الذي يوضّح نسبة الأشخاص العاطلين. فالبعض يرى أن المعدّل يُضخم المشكلة لأنه يشمل بعض الأشخاص الذين يريدون فقط عملاً غير متفرغ، كما يشمل أشخاصًا لايحاولون الحصول على وظيفة بشكل جاد. بينما يجادل البعض الآخر في أن المعدل يُقلِّل من حجم المشكلة لأنه لا يضع في الاعتبار العمال الذين أصابهم الإحباط، فلم يعودوا يبحثون عن عمل، أو العمال الذين قبلوا وظائف تقل عن مستوى مهاراتهم.

ويشير الاقتصاديون إلى أن الدول تستخدم طرقاً مختلفة لإحصاء العاطلين عن العمل. وإن إحصاءً أو رقماً واحداً لأي دولة لايكشف مقدار اختلاف البطالة بين المجموعات المختلفة من الناس. وعلى سبيل المثال، فإن معدل البطالة يميل إلى الارتفاع بين صغار السن أكثر منه بين الكبار. كذلك يواجه العمال غير المهرة بطالة أكثر من العمال المهرة ومن العاملين ذوي الياقات البيضاء (الموظفين). ويعاني البعض من البطالة بسبب العرق أو الدين أو اللغة أو الأصل القومي أو لأسباب أخرى.

التشغيل الكامل:

في عام 1941م، دعا برنامج في المملكة المتحدة عُرف باسم خطة بيفردج إلى سياسة التشغيل الكامل، وتعني أن تكون الوظائف متاحة لكل من يرغب في العمل. وبموجب هذه السياسة، عندما تفشل الأعمال التجارية والصناعية في توفير وظائف كافية، فإن الحكومة يجب أن تتخذ الإجراءات اللازمة لإيجاد الوظائف. وقد تبنت كثيرٌ من الدول الصناعية مثل هذه السياسة ، لكنها وجدت سنداً ضعيفاً في الولايات المتحدة الأمريكية، أو في الأقطار الأخرى التي تُفضِّل حكوماتها اقتصادات السوق الحر.

والواقع أن سياسات التشغيل الكامل تهدف إلى خفض معدلات البطالة إلى 3 أو 4 % ، وبذلك تنحصر البطالة في شكلها الهيكلي أو قصير الأمد. ويجادل بعض الاقتصاديين في أنه من المحتم أن تكون معدلات البطالة أعلى من ذلك من أجل كبح التضخم أو ارتفاع الأسعار.

نماذج التأمين ضد البطالة:

التأمين ضد البطالة وسيلة لدعم دخل العاطلين الذين يبحثون عن عمل. وفيه نجد العمال العاطلين يحصلون على مبالغ نقدية أسبوعية لفترة محددة في العادة. ومع ذلك، فإن لدى معظم الدول الصناعية مشروعات تأمين ضد البطالة.

بدأ أول مشروع للتأمين في مدينة بازل (بال) السويسرية عام 1789م. وفيما بعد، فإن عدداً من نقابات العمال في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا تَبنَّت خططاً اختيارية للتأمين ضد البطالة. وقد ساعدت مثل هذه الخطط الأشخاص القادرين على العمل بالأجر ولكنهم، في أوقات معينة، قد لايجدون عملاً دون أن يكون ذلك نتيجة تقصير منهم.

وفي عام 1911م، أنشأت المملكة المتحدة أول نظام تأمين إجباري ضد البطالة. وبعد الحرب العالمية الأولى (1914ـ 1918م)، بدأ هذا النظام في المملكة المتحدة يدفع مختلف أنواع الإعانات للعمال العاطلين. وقد أطلق عليها عامة الإنجليز صدقة قليلة على سبيل السخرية. وهناك نحو 40دولة معظمها في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا لديها نماذج مشابهة.

البطالة على مستوى العالم:

الإحصاءات العالمية للتشغيل والبطالة تُنْشَرُ بانتظام من قِبَل مكتب العمل الدولي التابع لمنظمة العمل الدولية (الجهاز التنفيذي الدائم للمنظمة). وتعمل بعض الدول على بقاء معدلات البطالة منخفضة. وقد وُجد أنه كان لدى السويد، مثلاً، نسبة بطالة تقل عن 2 % في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، في حين كانت النسبة في اليابان عن تلك الفترة أقل من 3%. والواقع أن النقص في الأيدي العاملة في اليابان وفي سنغافورة التي تقل فيها نسبة البطالة عن 5% ، ساعد هذه الأقطار على الحدِّ من البطالة. أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تسبب الكساد الاقتصادي في مطلع الثمانينيات من القرن العشرين في ارتفاع حاد في معدل البطالة وصل إلى 10,8 % ، وهو أعلى معدل من نوعه منذ عام 1941م، وظل معدل البطالة في الولايات المتحدة نحو 5 % في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي.

والأقطار التي لديها معدلات بطالة تراوحت بين 5% و10% في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين تشمل كلاًّ من: أستراليا وكندا والفلبين وجنوب إفريقيا والمملكة المتحدة. أما ماليزيا، فلديها معدل بطالة 8 %، لكنها تتمتع بقدر كبير من الرخاء .

ومن الدول التي كانت لديها معدلات بطالة أعلى من 10% في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، الهند وأيرلندا. وقد كان في أيرلندا معدل بطالة يزيد على 17%. ولهذا، قررت أعداد كبيرة من الناس أن تترك البلد وتبحث عن العمل في مكان آخر.

وفي أواخر الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي، كان معدل البطالة في 24 دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في غربي أوروبا وأمريكا الشمالية ومنطقة المحيط الهادئ حوالي 7%. وهذا هو نفس المستوى الذي عرفته هذه البلدان في مطلع الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي. ★ تَصَفح: الفقر ؛ الرعاية الاجتماعية.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية