الرئيسيةبحث

الدفع النفاث ( Jet Propulsion )



محرك نفاث ضخم لإنتاج الطاقة التي تُمكِّن الطائرات من التحليق بحمولاتها الثقيلة من الركاب والبضائع.
الدّفع النفّاث يستخدم في إنتاج الحركة في اتجاه ما بواسطة تيار من الغازات تندفع بضغط عال في الجهة المضادة للحركة. وتعتمد الصواريخ والقذائف الموجهة وكثير من الطائرات على الدفع النفاث لتزويدها بالقدرة اللازمة لحركتها.

ويمكن للطائرة التي تسير بالدفع النفاث (الطائرة النفاثة) أن تصل إلى سرعات تفوق سرعة الطائرة التي تسير بدفع المراوح. كما يمكن لبعض الطائرات النفاثة عند طيرانها في الهواء أن تصل إلى سرعات تزيد على سرعة انتقال الصوت في الهواء. وبوساطة الدفع النفاث صار من الممكن الطيران في أقصى الارتفاعات وكذلك الوصول إلى الفضاء الخارجي.

ولا يصدر عن المحركات النفاثة نفس الاهتزازات التي تحدثها المحركات المكبسية التي تستخدم في إدارة مراوح بعض الطائرات. ونتيجة هذا الانتظام والهدوء في عملها فإن استخدامها يحقق الأمان في ركوبها. وبوجه عام فإن المحركات النفاثة تعد أصغر وأقل وزنا من المحركات المكبسية التي تعطي نفس القدر من قوة الدفع ¸القوة التي تدفع الطائرة إلى الأمام·، إلا أن استهلاك المحركات النفاثة من الوقود يزيد عن استهلاك المحركات المكبسية التي تعطي أيضًا نفس القدر من قوة الدفع.

ومن المحتمل أن يكون أول محرك نفاث تم إنشاؤه هو تلك الآلة الصغيرة التي تحاكي لعب الأطفال والتي صنعها هيرو الإسكندري عام 60م. كما استخدم الصينيون الصواريخ في عتادهم الحربي خلال القرن الثالث عشر. وقد تم تحليق أول طائرة يدفعها محرك نفاث في ألمانيا عام 1939م. ومنذ ذلك الحين صارت المحركات النفاثة مصدرًا للتزويد بالقدرة للطائرات من جميع الأنواع، بما فيها الطائرات الأسرع من الصوت والتي تستخدمها خطوط الطيران العالمية، وكذلك سفن الفضاء التي تطير إلى الكواكب الأخرى.

كيف يعمل الدفع النفاث

كيف يعمل المحرك النفاث يدخل الهواء إلى المحرك فينضغط ثم يتم خلطه بالوقود ويحترق، ثم تندفع غازات الاحتراق في اتجاه مؤخرة المحرك، وما تحدثه الغازات أثناء اندفاعها وخروجها من المحرك هو فعل يقابله رد فعل يدفع المحرك في الاتجاه المضاد.

المبدأ الأساسي للدفع النفاث:

يمكن توضيحه من خلال تجربة بخرطوم المياه المستخدم في ري الحدائق. فعند توصيله بمصدر مياه مع غلق فوهة الخرطوم عند نهايتها، يؤدي ارتداد الماء إلى الخلف نتيجة غلق الفوهة إلى دفع الماء على السطح الداخلي للخرطوم في كل الاتجاهات. ويؤدي ذلك إلى الدفع عكس اتجاه المياه في الخرطوم في محاولة للضغط على الفوهة. وعند فتح الفوهة فإن هذا الضغط سيدفع بالماء إلى الخارج، مما يؤدي إلى فقدان اتزان الضغط داخل الفوهة. ويؤدي هذا إلى خفض الضغط الذي يدفع للأمام في منطقة الفوهة، بينما يستمر الماء في الضغط على الخلف والجوانب. وإذا ما تركت الفوهة تتحرك كيف تشاء فإن عدم اتزان الضغط داخل وخارج الفوهة، وكذلك اندفاع الماء منها، سيدفع بالفوهة إلى الخلف، وستتحرك الفوهة عكس اتجاه اندفاع الماء منها.

اختبار المحرك النفاث يتطلب غرفًا مجهزة وإعدادًا خاصًا. محرك توربيني تضاغطي مثبت أثناء تشغيله فوق منصة اختبارات لقياس قوة الدفع (القوة التي تدفع بالمحرك للأمام ) التي ينتجها المحرك.
وقد وضع العالم الإنجليزي السير إسحق نيوتن المبدأ الأساسي للمحركات النفاثة في عام 1687م من خلال القانون الثالث للحركة. وينص هذا القانون على أن لكل فعل رد فعل مساوياً له في المقدار ومضاداً له في الاتجاه. وفي المثال السابق فإن الفعل يمثله اندفاع الماء من فوهة الخرطوم ورد الفعل هو القوة التي دفعت الخرطوم في الاتجاه المضاد. ويعتمد الدفع النفاث على نفس المبدأ في تغذية محركات الطائرات، حيث يتم رفع ضغط الهواء داخل المحرك. ويدفع هذا الضغط تيارًا من غازات الاحتراق بسرعة كبيرة من مؤخرة المحرك، ويمثل هذا التيار المندفع من غازات العادم الفعل. ويؤدي هذا الفعل إلى حدوث رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه يتمثل في قوة تدفع المحرك إلى الأمام. ★ تَصَفح: الحركة.

تستخدم الصواريخ والمحركات النفاثة نفس المبدأ الأساسي للدفع النفاث، إلا أنهما تختلفان في مصدر الأكسجين اللازم لاحتراق الوقود في كل منهما. ففي حين تستخدم المحركات النفاثة أكسجين الهواء الجوي لحرق وقودها، فإن الصواريخ تحمل بداخلها الأكسجين اللازم لاحتراق الوقود بها. ولهذا فإنه يمكن للصواريخ أن تنطلق إلى الفضاء الخارجي الذي لا يحتوي على هواء جوي، بينما تعجز المحركات النفاثة عن الطيران خارج هذا الغلاف الجوي. ★ تَصَفح: الصاروخ.

قدرة المحركات النفاثة:

تتولد هذه القدرة من قوة دفع النفاث، أي من دفع الغازات التي ينتجها احتراق الوقود في الهواء داخل غرفة الاحتراق والتي تنطلق من خلال فوهة المحرك فتعطيه قوة الاندفاع إلى الأمام. ويدخل الهواء إلى المحرك النفاث من خلال فتحة دخول في مقدمة المحرك ثم يتم ضغطه حتى يصل إلى ما بين 3 و 30 ضعف ضغط الهواء الجوي. ثم يندفع جزء من هذا الهواء إلى داخل غرفة الاحتراق حيث يتم خلطه بالوقود واحتراقه فيه. وتستخدم معظم المحركات النفاثة مستخلصات النفط السائلة المشابهة للكيروسين كوقود لها. ويصاحب اشتعال الوقود في الهواء المضغوط خروج كمٍ كبيرٍ من الطاقة التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الغازات الناتجة عن هذا الاشتعال إلى 1,800 - 2,000 درجة مئوية. ويمكن أن تؤدي هذه الدرجة المرتفعة إلى تدمير أجزاء المحرك، إلا أن خلط هذه الغازات مع باقي الهواء المضغوط يؤدي إلى خفض هذه الدرجة إلى الحدود المناسبة، كما يقوم جزء آخر من الهواء بتبريد جدران غرفة الاحتراق. وتتجه هذه الغازات إلى نهاية المحرك حيث تنطلق من فوهته بأقصى سرعة فتنتج الدفع المطلوب.

يتضح من هذا أن إنتاج الدفع في المحركات النفاثة يعتمد على زيادة سرعة كمية من الغازات داخل المحرك، ولكن هناك كمية كبيرة من الطاقة الحرارية في غازات العادم لا يتم استغلالها. ويفقد المحرك هذه الطاقة نتيجة خروج تلك الغازات من فوهة المحرك بدرجة حرارة عالية. أما إنتاج الدفع بوساطة المراوح، فيعتمد على حركة كمية كبيرة من الهواء بسرعة قليلة، ولا يدع مجالا لفقد كمية كبيرة من الطاقة في الهواء. وبهذا فإن استخدام المراوح يقلل من كمية الطاقة المفقودة ويحقق كفاءة أعلى في إنتاج قوة الدفع.

وبالنظر إلى قوة الدفع التي نحصل عليها من المحركات النفاثة فسنجد أن لها قيمة ثابتة تقريبا مهما تغيرت سرعة الطيران. أما قدرة الدفع الناتجة من المراوح فإنها تتعرض لهبوط حاد عند زيادة سرعة الطيران، وعليه فإن الطائرات التي تسير بالدفع النفاث تفوق في سرعتها الطائرات المروحية.

ويتم قياس قوة دفع المحركات النفاثة في غرفة قياس ذات تجهيز خاص يسمح بضبط الظروف المحيطة بالمحركات بحيث تحاكي خصائص الهواء في طبقات الجو العليا التي يطير إليها المحرك، كما يندفع الهواء في هذه الغرفة إلى المحرك بطريقة مماثلة لما يحدث أثناء الطيران عند سرعات وارتفاعات مختلفة، وتقاس قوة دفع المحرك بوحدة الرطل أو النيوتن، وكمثال فإن المحركات الأربعة النفاثة التي تعمل في الطائرة البوينج 747 ينتج كل منها قوة دفع قدرها 51,600 رطل (230,000 نيوتن).

أنوع المحركات النفاثة

تقسم المحركات النفاثة إلى أربعة أنواع أساسية: 1- محرك توربيني نفاث، 2- محرك توربيني مروحي، 3- محرك توربيني تضاغطي مروحي، 4- محرك نفاث تضاغطي. ووجه الاختلاف بين المحركات السابقة يعتمد على مدى إسهام الدفع النفاث ؛ أي دفع تيار الغازات المنطلقة من فوهة المحرك بالنسبة للدفع الكلي للمحرك. ففي المحرك التوربيني المروحي تنشأ معظم قوة الدفع من دفع مروحي، ولا تمثل قوة الدفع النفاث أيضًا النصيب الأكبر من الدفع الكلي للمحرك التوربيني التضاغطي المروحي. وهناك أيضا أوجه أخرى للاختلاف بين تلك المحركات مثل طريقة زيادة ضغط الهواء بداخل كل منها.


توضح الصور أدناه أمثلة للطائرات التي تستخدم في الأنواع المختلفة للمحركات.

المحرك النفاث التضاغطي ينبغي رفع سرعته إلى سرعة تفوق سرعة الصوت، وذلك باستخدام صــاروخ أو محــرك نفــاث آخــر قــبل تشــغيله. يندفع الهواء داخل المحرك من خلال مداخل الهواء. تنخفض سرعة الهواء عندما يقترب من غرفة الاحتراق حيث يتم ضغطه باندفاع مزيد من الهواء من المدخل الخلفي. يختلط الهواء مع الوقود الذي تضخه حاقنة الوقود داخل غرفة الاحتراق، ثم تتم عملية الاحتراق. ينفث الضغط الذي ينتج عن الوقود المحترق والهواء الغازات خارج فوهة النفاث ويدير المحرك إلى الأمام. يعمل المحرك النفاث التضاغطي بطريقة أفضل أثناء السرعات العالية. ولهذا السبب استعمل بشكل رئيسي في إدارة الصواريخ الموجهه مثل الذي يظهر في الصورة.
المحرك التوربيني النفاث مزود بضاغط ذي ريش كالمروحة لضغط الهواء الداخل. تدفع ريش الضاغط الهواء المضغوط إلى داخل مجموعة من غرف الاحتراق، حيث يختلط الهواء المضغوط مع الوقود ويشتعل مُشكلاً بذلك غازات مشتعلة، ويتمدد الغاز بسرعة مندفعًا داخل الريش التوربينية ويجعلها تدور. يحافظ العمود الموصل بين التوربين والضاغط على دوران الضاغط. تُغطي الحارقة اللاحقة قوة دفع إضافية عن طريق تزويد الغازات الساخنة بمزيد من الوقود الذي يحترق ويزيد من الدفع النفثي. تمنع الصفائح المعدنية التي تسمى ممسكات اللهب الغاز السريع الاندفاع من إطفاء اللهب. تزود المحركات التوربينية طائرات(اف ـ 5 ـ إي) تايجر2 بالقدرة اللازمة وهي طائرات أمريكية مقاتلة كالتي تظهر في الصورة.
المحرك التوربيني التضاغطي المروحي: يشبه المحرك التوربيني النفاث ولكنه يتميز بوجود ضاغط مروحي أمامي على شكل مروحة ضخمة عند مدخل الهواء . ويمر معظم الهواء المضغوط حول المحرك منتجًا قوة دفع. ويدخل ما تبقى من الهواء مندفعاً إلى محرك توربيني يقوم بنفـس أداء المـحرك التـوربيني النفاث للحصول على قوة الدفع النفاث نتيجة اندفاع غازات الاحتراق من فوهة المحرك. ويتكون هذا المحرك من ضاغط وغرف احتراق ونوعين من التوربينات، الأولى تعطي القدرة اللازمة لإدارة الضاغط والثانية، وتسمى التوربين المروحي، تدير المروحة. وباستخدام طريقتين في الحصول على قوة الدفع، فإنه يمكن للمحرك التوربيني التضاغطي تحقيق قوة دفع أكبر من المحرك التوربيني النفاث عند سرعات أقل، وهي أيضا تتميز بالأداء الهادئ وبمعدل أقل في استخدام الوقود. ويعتبر المحرك التوربيني التضاغطي أكثر المحركات انتشارًا، وتعتمد عليه العديد من طائرات خطوط الطيران التجارية مثل الطائرة DC-10 في الصورة المقابلة.
المحرك التوربيني المروحي يتكون من مروحة ومحرك توربيني نفاث. ويستخدم المحرك التوربيني النفاث في إدارة المروحة الرئيسية التي تعطي المحرك التوربيني المروحي قوة الدفع الرئيسية للحركة. وتدور المروحة عندما تندفع غازات الاحتراق من غرفة الاحتراق لتتمدد من خلال التوربين وتدفعه إلى الدوران كي تعطي المروحة القدرة على الحركة، حيث يتصل محور التوربين بمحور دوران المروحة من خلال مجموعة من التروس. ثم تنطلق غازات الاحتراق بما تبقى فيها من طاقة من فوهة المحرك، فتعطي المحرك قدرًا ضئيلاً إضافيًا من قوة الدفع. وتعتبر المحركات التوربينية المروحية أكفأ المحركات عندما تسير عند سرعات منخفضة نسبيًا، وهي أصغر حجمًا وأخف وزناً من المحركات المكبسية التي تعطي نفس القدرة. وتستخدم المحركات التوربينية المروحية بكثرة في الأعمال التجارية الصغيرة مثل الطائرة السوبر كينج بيتش كرافت، التي تظهر في الصور المقابلة.

أيقونة تكبير المحرك التوربيني النفاث

التوربين النفاث:

يعد أول أنواع المحركات التي استخدمت في تغذية الطائرات النفاثة بالقدرة على الطيران، ولاتختلف الأنواع الأخرى من المحركات النفاثة عن التوربين النفاث إلا في بعض الإضافات.

وفي هذا المحرك يتم اندفاع الهواء من خلال أنبوب إدخال ليصل إلى الضاغط. وقد أصبحت وظيفة أنبوب الإدخال أكثر تعقيدًا بعد أن زادت سرعة المحركات النفاثة في بعض الطائرات الأخرى عن سرعة الصوت، حيث تؤدي هذه الزيادة في السرعة إلى انتشار موجات تصادمية في الهواء عند دخوله المحرك. وتحد هذه الموجات التصادمية ـ بشكل كبير ـ من سريان الهواء إلى الضاغط. ويمكن للتوربين النفاث تقليل تأثير هذه الموجات بالتعديل المستمر للشكل الداخلي لأنبوب الإدخال.

ويقوم الضاغط برفع ضغط الهواء داخل المحرك، وتتشابه ضواغط المحركات التوربينية في هيكلها مع التوربينات (كمعدة دوارة). وهناك نوعان من الضواغط يمكن أن يزود بأحدهما المحرك النفاث، حيث يختلف اتجاه سريان الهواء في كل منهما، فإما أن يكون ضاغطًا محوري السريان أو ضاغطًا مركزي السريان.

ويتكون الضاغط المحوري السريان من عدة عجلات دوارة، يثبت في كل منها مجموعة من الرِّيَش الصغيرة التي تأخذ شكل الأجنحة كما في حالة المروحة الكهربائية. وهذه العجلات مرتبة على التوالي بعضها خلف بعض على امتداد عمود الضاغط الذي يدور بسرعة كبيرة حول محوره. وبين كل عجلتين متواليتين دوارتين توضع مجموعة ثابتة من الريش مثبتة في الجسم الخارجي للضاغط. وعند سريان الهواء في اتجاه يوازي محور الضاغط، ينحصر الهواء بين ريش العجلات الدوارة والريش الثابتة فيرتفع ضغطه. ويمكن أن يرتفع ضغط الهواء الخارج من بعض الضواغط المحورية إلى حوالي 30 ضعف ضغط الهواء الداخل إليها.

ويكبس ضاغط السريان المركزي الهواء في اتجاه مركز عجلة سريعة الدوران، ثم يدفع الهواء في اتجاه الطوق الخارجي للضاغط. ولا يسمح تصميم الضاغط المركزي بوجود عدة صفوف أو مراحل متتالية من العجلات كما هو الحال في الضغط المحوري. ولهذا فإن أقصى ارتفاع في ضغط الهواء يمكن أن يحدثه هذا الضاغط هو ستة أضعاف الهواء الخارجي.

وبعد خروج الهواء من الضاغط يتجه إلى غرفة الاحتراق حيث يختلط جزء منه، تتراوح نسبته بين 25 و40 في المائة من الهواء الكلي، مع الوقود الذي يحقن ويحرق فيه. وباحتراق الوقود تزداد درجة الحرارة وضغط الغازات الناتجة من الاحتراق. وباختلاط هذه الغازات مع باقي الهواء القادم من الضاغط تنخفض درجة حرارتها بدرجة معقولة. وباندفاع تلك الغازات الساخنة إلى التوربين فإنها تدفع عجلات ريش التوربين إلى الدوران، فتنتج القدرة المطلوبة بحيث تدفع الضاغط الأمامي إلى الدوران معها.

ثم تتجه غازات الاحتراق بعد دفعها للتوربين إلى فوهة المحرك. وبهذا فإن الهدف من الأجزاء المختلفة للمحرك النفاث هو رفع طاقة الغازات عند فوهة المحرك لتحقق عند انطلاقها قوة الدفع المطلوبة. وتصل سرعة الغازات عند خروجها من فوهه توربين نفاث إلى 1,600 كم في الساعة. وفي التوربينات المصممة لسرعة أقل من سرعة الصوت تضيق مساحة الفوهة تدريجيًا حتى فتحة الانطلاق. أما بالنسبه للفوهات المصممة لسرعات أكبر من سرعة الصوت فإن فوهتها تضيق ثم تتسع مرة أخرى حيث يساعد اتساع الفوهة مرة أخرى على زيادة سرعة الغازات عن سرعة الصوت عند خروجها.

تستخدم بعض التوربينات النفاثة نبائط إضافية تسمى الحارقات اللاحقة لزيادة قوة دفع المحرك في فترات زمنية قصيرة. وتوضع الحارقات اللاحقة بين التوربين وفوهة خروج الغازات. ولأن هذه الغازات تحتوي على نسبة عالية من الأكسجين، فإن هذا يتيح استغلالها في حرق كمية إضافية من الوقود في الحارقة اللاحقة مما يرفع كثيرا درجة الحرارة. وهذا يمثل إضافة طاقة أخرى إلى تلك الغازات، فتعمل على تحقيق زيادة في السرعة تحقق للمحرك قدرًا كبيرًا من قوة الدفع. ولكن استخدام الحارقة اللاحقة يؤدي إلى زيادة كبيرة في استهلاك الوقود، ولهذا يقصر استخدامها على فترات زمنية قصيرة، حيث يمكن استخدامها في الصعود السريع أو الرأسي أو أثناء القيام بالمناورات.

تستخدم الطائرات العسكرية المحركات النفاثة لإمدادها العاجل بالقدرة اللازمة لها. فالطائرة الأمريكية النفاثة (نورثروب اف ـ5 إي) تستخدم محركين من النوع التوربيني النفاث ذي الحارقة اللاحقة حيث ينتج كل منهما قوة دفع تعادل 15,600 نيوتن أو(3,500 رطل). وعند استخدام الحارقة اللاحقة تصل قوة دفع كل محرك إلى 22,200 نيوتن أو (5,000 رطل). وهناك بعض طائرات الركاب الصغيرة التي تستخدم أيضًا التوربين النفاث.

أيقونة تكبير المحرك التوربيني المروحي

التوربين المروحي:

هو في الأساس توربين نفاث و لكن يتم استغلال معظم القدرة الناتجة منه في إدارة مروحة. ويتشابه مع التوربين النفاث في أنه يتكون من ضاغط ثم غرفة احتراق ثم توربين، ولكن يضاف إليه توربين آخر في مؤخرة التوربين الذي يدوّر الضاغط. وتدير غازات الاحتراق هذا التوربين الثاني، ويسمى توربين القدرة الذي يغذي بالقدرة الناتجة منه عمود دوران المروحة من خلال صندوق تروس.

وبعد استنفاد الجزء الأكبر من طاقة غازات الاحتراق في إدارة توربين القدرة الذي يدير المروحة، يمكن استغلال ما تبقى منها من طاقه باندفاعها بسرعة محدودة من فوهة المحرك، فتضيف قدرًا ضئيلاً من قوة الدفع إلى الدفع المروحي، حيث يكون الاعتماد الأساسي في هذه الحالة على الدفع الناشئ من دوران المروحة.

تتميز التوربينات المروحية بالسلاسة في إدارتها، كما أنها اقتصادية في استهلاكها، وتتميز أيضا بقلة الأعطال، ولكن يعيبها عدم القدرة على الطيران بسرعة تزيد على سرعة الصوت. وهي أصغر حجما و أخف وزنا من المحركات المكبسية التي تعطي نفس القدرة، ولهذا فإنها تستخدم في طائرات النقل الضخمة، وكذلك طائرات الركاب الصغيرة والمتوسطة، كما تستخدم في إدارة مراوح الطائرات المروحية، وتسمى في هذه الحالة التوربينات الغازية.

أيقونة تكبير المحرك التوربيني التضاغطي المروحي

التوربين التضاغطي المروحي:

هو أيضا توربين نفاث يستخدم جزءًا من قدرته في إدارة ضاغط مروحي كبير موضوع في مقدمة المحرك داخل ظرف كبير يحيط بهذا الضاغط. يدور هذا الضاغط سريعًا مدفوعًا بوساطة توربين مشابه للمستخدم في التوربين المروحي. ويُدْخِل إلى المحرك كمية من الهواء، حيث يتم ضغطه، ثم يحقن فيه الوقود ويُحرَق، ثم يمر على التوربين فيعطي أثناء خروجه من فوهة المحرك قدرًا من قوة الدفع، إلا أن الجزء الأكبر من الهواء الذي يدفعه الضاغط المروحي يمر حول المحرك. وباستغلال اندفاعه إلى الخلف فإنه ينتج دفعًا آخر يضاف إلى دفع غازات الاحتراق. وباستخدام هاتين الطريقتين للحصول على قوة دفع من مصدرين مختلفين، فإن كفاءة هذا التوربين يمكن أن تقترب من كفاءة التوربين المروحي دون الإخلال بقدرة التوربينات النفاثة على الطيران بسرعة أكبر من سرعة الصوت. ويمكن تجهيز هذه التوربينات أيضًا بحارقة لاحقة تعمل على رفع قوة دفع هذه المحركات عند اللزوم.

من المميزات التي يحققها استخدام هذا النوع من المحركات انخفاض درجة الضوضاء التي يحدثها أثناء التشغيل، حيث يعتمد مستوى الضوضاء في المحركات النفاثة على سرعة خروج تيار غازات العادم من فوهة المحرك. وحيث إن سرعة خروج الغازات من التوربين ذي الضاغط المروحي تقل عن سرعة الغازات من التوربين النفاث، فإن أداء هذا التوربين أكثر هدوءًا من التوربين النفاث.

وتعد التوربينات ذات الضاغط المروحي أكثر المحركات النفاثة شيوعًا. فهي التي تستخدم في الطائرات البوينج 747، كما تستخدم في كل الطائرات الكبيرة التي تعمل على الخطوط الجوية، وفي تغذية الطائرات العسكرية النفاثة بالقدرة اللازمة لها.

أيقونة تكبير المحرك النفاث التضاغطي

المحرك النفاث التضاغطي:

يعد أبسط أنواع المحركات النفاثة. وهو بصفة أساسية محرك توربيني نفاث بدون توربين أو ضاغط، حيث يدخل الهواء إلى المحرك مع الطيران. وأثناء مروره في مساره في أنبوب الإدخال يتم إبطاء تدفقه، فيرتفع ضغط الهواء داخل المحرك بالتأثير التراكمي ؛ أي باستخدام اندفاع الهواء الجوي إلى المحرك في الضغط على الهواء عند المدخل أثناء طيران المحرك بسرعات عالية. ثم تحقن كمية من الوقود في هذا الهواء المضغوط، وبهذا يمكن الحصول على غازات ذات طاقة عالية، فيتم زيادة سرعتها لتطلق من فوهة المحرك محققة قوة الدفع المطلوبة. ونتيجة بساطة مكونات النفاث التضاغطي فقد أطلق بعض العلماء عليه اسم الشعلة الطائرة. ولا تستطيع النفاثات التضاغطية أن تؤدي عملها عند طيرانها بسرعة أقل من سرعة الصوت. ويعد هذا عيبًا أساسيًا في استخدامها، حيث يجب أن تفوق سرعتها سرعة الصوت حتى يحدث عند مدخل الهواء تأثير تضاغطي يكون قادرا على رفع الضغط بداخلها إلى القدر الذي يسمح للمحرك بأن يؤدي عمله. ولهذا يلزم استخدام صاروخ أو محرك توربيني آخر يدفع المحرك النفاث التضاغطي في البداية حتى يصل إلى سرعة تشغيل تفوق سرعة الصوت.

عمومًا فإن المحرك النفاث التضاغطي لا يستخدم في الطائرات، ولكن له تطبيقات خاصة مثل استخدامه في دفع المعدة الأمريكية المسماة تيليدين ريان فيربراند. وهي تستخدم كهدف طائر يسير بسرعة تفوق سرعة الصوت، ويتم التحكم فيه عن بعد ليحاكي القذائف المضادة للقطع البحرية أثناء التدريب.

تطور المحركات النفاثة

أول طائرة نفاثة الطائرة الألمانية هينكل هي ـ 178، وكان أول طيران لها في 27 أغسطس عام 1939، وقد قام الفيزيائي الألماني فانز فون أوهين بتصميم محرك توربيني نفاث لهذه الطائرة.
يتكون المحرك النفاث الصغير الذي قام العالم هيرو الإسكندري بإنشائه عام 60 م من كرة جوفاء يتدفق من داخلها بخار ماء من خلال فوهتين في جهتين متقابلتين منها، ويؤدي انطلاق البخار من هاتين الفوهتين إلى دورانها بنفس الطريقة التي يؤدي بها اندفاع الماء من رشاشات الري المحورية إلى دورانها حول نفسها. وقد زادت معدلات تطور المحرك النفاث واستخداماته في دفع الطائرات نتيجة للتوتر المتزايد الذي أدى إلى قيام الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م). فقد تم طيران أول طائرة نفاثة في ألمانيا وأطلق عليها اسم هينكل عام 1939م وكانت تُغَذَّى بمحرك نفاث وضع تصميمه الفيزيائي الألماني هانز فون أوهين، وفي إيطاليا تم بناء وطيران الطائرة النفاثة كابروني ـ كامبيني (س س 2) عام 1940م.

ولم تتمكن أي من هاتين الطائرتين من إثبات قدرتهما العملية، وسرعان ما ظهرت الطائرة النفاثة جلوستر 28/39 الأكثر تطورًا، وقد لاقت نجاحًا أكثر من سابقتيها على يد فرانك ويتل، وهو من ضباط السلاح الجوي الملكي في بريطانيا، وقد تم أول طيران عملي لها عام 1941م.

وقد كان لألمانيا السبق في استخدام المحركات النفاثة لدفع القذائف الموجهة أثناء الحرب العالمية الثانية، ثم قامت الولايات المتحدة في عام 1947م ببناء الطائرة بل إكس ـ1، وهي أول طائرة تطير بسرعة تفوق سرعة الصوت باستخدام الدفع الصاروخي.

بدأ استخدام التوربينات النفاثة والتوربينات المروحية في تغذية طائرات الخطوط الجوية التجارية بالقدرة خلال الخمسينيات من القرن العشرين. وفي نفس الوقت اعتمد دفع القذائف الموجهة الأمريكية مثل البومارك والتولوز على النفاثات التضاغطية. وفي الستينيات حلت التوربينات التضاغطية المروحية محل التوربينات النفاثة في الطائرات التجارية والعسكرية.

وقد انتشر استخدام التوربينات التضاغطية المروحية خلال السبعينيات نتيجة ارتفاع كفاءتها وهدوء تشغيلها. وقد أجريت أبحاث مكثفة خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين لتطوير عمل المحرك النفاث التضاغطي كوحدة دفع للقذائف الموجهة. ويعمل الباحثون، اليوم، على زيادة كفاءة المحركات النفاثة مع تقليل تكلفتها والحد من درجة التلوث الذي ينبعث منها.

إختبر معلوماتك :

  1. ما المميزات التي تتفوق بها محركات الطائرات النفاثة على المحركات المكبسية في الطائرات؟
  2. كيف يختلف الصاروخ عن المحرك النفاث؟
  3. ما أكثر أنواع المحركات النفاثة انتشارا ؟
  4. من هيرو الإسكندري ؟
  5. ما نوع المحرك النفاث الذي يستخدم معظم قدرته في إدارة المروحة ؟
  6. ماذا تعني قوة الدفع ؟
  7. متى تم أول طيران لطائرة نفاثة ؟
  8. ماذا تعني الحارقة اللاحقة ؟
  9. ما نوع المحرك النفاث الذي يطلق عليه ¸الشعلة الطائرة·؟
  10. ما قانون نيوتن الثالث للحركة ؟
المصدر: الموسوعة العربية العالمية