الرئيسيةبحث

فيصل ( Faysal )



فيصل اسم ملكين من ملوك العراق، الجَّد والحَفِيد هما الملك فيصل الأول والملك فيصل الثاني وكانا عضوين من الأسرة الهاشمية.

فيصل الأول:

يُعَدُّ أول ملك عربي يحكم العراق بعد العثمانيين وقد عاش في الفترة مابين 1885 و1933م. وكان الإنجليز قد وعدوا العرب بأن يكون لهم الاستقلال التام في بلادهم بعد الحرب إذا وقفوا معهم. وبعد انتهاء الحرب طالب المواطنون في سوريا بالاستقلال ؛ غير أن الفرنسيين ماطلوا وقاموا بعدة أعمال تؤخر الاستقلال، منها إبعاد الأمير فيصل عن سوريا.

كان العراقيون أيضًا يطالبون بالحرية، وبالتخلص من سياسة الانتداب الإنجليزي المفروضة عليهم. وقد وعدهم الإنجليز بإنهاء ذلك فور اختيارهم لملك يحكم العراق. وتم تكوين أول حكومة وطنية في العراق في 27/10/1920م وبعد تكوينها بفترة وجيزة أصدرت القرار التالي:

¸اجتمعنا فصوَّتنا بإجماع الرأي على تتويج سمو الأمير فيصل ملكًا على القطر العراقي بحدوده الطبيعية، على أن يكون ملكًا يرأس حكومة دستورية نيابية ديمقراطية حرة مستقلة مجردة من كل قيد، منقطعة عن سلطة الغير. وإن أول عمل تقوم به هو تشكيل وجمع المؤتمر الذي يسن القوانين والدستور في مدة ثلاثة أشهر·.

تحرك الأمير فيصل نحو العراق. وقد تبعه عدد من رجال الثورة العراقية الذين كانوا قد لجأوا إلى الحجاز والشام. وقُوبِل في بغداد بالحفلات والولائم التكريمية. وفي 11 أغسطس عام 1921م تم تنصيبه ملكًا دستوريًا على العراق.

وكانت فترة حكمه فترة حرجة وكان عليه أن يوفّق بين حماس المواطنين وتسرعهم لنيل الاستقلال التام، وبين مماطلة الإنجليز الراغبين في تحيُّن الفرص لإلغاء الاستقلال واحتلال البلاد. وقد تم في عهده إنجاز كثير من الأعمال داخل البلاد وخارجها.

إنجازاته الداخلية. تم في عصره وضع الدستور العراقي (عام 1924م) وقد اختار له أفضل المختصين من العراقيين الذين أكملوا دراساتهم العليا بالخارج أمثال الدكتور توفيق السويدي الذي نال شهادة الدكتوراه في الحقوق من السوربون.

واهتم بالتعليم وعمل على نشره، وطُوِّرت كلية الحقوق في عصره، فقد كانت تشغل ثلاث غرف في مبنى المحاكم، وأصبح لها مبنى خاص وكبير لائق بها.

عمل فيصل على استتباب أمن البلاد داخليًا، وعيَّن الرجال المناسبين في المناصب التي يجيدونها ؛ ومن ذلك تكليفه للدكتور توفيق السويدي بتكوين وزارة رغم أن عمره كان 37 سنة فقط، لما عَرف عنه من غزارة علمه وسعة أفقه وعلاقاته الخارجية والداخلية.

ومما سُجِّل له حُسن اختياره للجان المفاوضات. فقد اختار لجنة للتفاوض لإجراء اتفاقية بترول كركوك، فتوصلت اللجنة إلى اتفاقية أرضت الطرفين تمامًا، بل أصبحت مثالاً يحتذى في كل البلاد العربية واختار خيرة الرجال لمفاوضة الإنجليز، وفي تمثيل العراق في المحافل الدولية مثل عصبة الأمم التي كانت تُعرض فيها قضايا عراقية دقيقة وخطيرة مثل قضايا الأكراد، والآشوريين، وقضايا الحدود ونحوها.

إنجازاته الخارجية. عمل الملك فيصل الأول على تأمين العراق، وتحقيق السلام فيه. فبادر بتوطيد العلاقات مع كل الدول المتاخمة لبلاده فقابل الملك عبدالعزيز مقابلة شخصية واتفقا على تسوية الأمور بينهما. ووقَّع مع إيران إتفاقية حسن الجوار عام 1929م، وعمل على إنشاء مُفوضية عراقية في طهران، وزار إيران بنفسه، وحل كل المشكلات بين البلدين، التي كانت تشمل مشكلات حدودية، ومشكلات المزارات بالعراق، ومشكلات المقيمين. وقد تم في عهده تأسيس المقر الدائم للوفد العراقي في عصبة الأمم بجنيف.

وعُرف الملك فيصل الأول بذكائه الحاد، وبأعصابه الهادئة، كما عرف برحابة الصدر وسرعة البديهة. وقد حقق للعراق استقرارًا سياسيًا واجتماعيًا مميزًا. وبعد وفاته بدأت الفتن، وظهرت مشكلات سياسية واجتماعية عديدة. وقد توفي يوم الجمعة، الثامن من أغسطس عام 1933م في سويسرا التي ذهب إليها للعلاج من تصلب الشرايين. وقد نُقِل جثمانه، ودفن ببغداد في المقبرة الملكية.

فيصل الثاني:

هو فيصل بن غازي، عاش خلال الفترة مابين عامي 1935م و1958م. وقد آل إليه ملك العراق بعد وفاة والده الملك غازي، الذي لم يحكم إلا لمدة عامين فقط. وعندما مات والده، ذكرت الأنباء الرسمية أنه مات إثر تصادم سيارته في القصر، غير أن الصحف الأوروبية ذكرت أنه اغتيل بيد الإنجليز لمخالفته سياستهم.

كان فيصل في الثالثة من عمره عندما أصبح ملكًا على العراق. وقد عُيِّن خاله الأمير عبدالإله وصيًا فأدار دفة الحكم.

وفي تلك الفترة التي كان فيها الملك فيصل صغيرًا في السن كان العراق يعيش فترة عصيبة من تاريخه. وقد اتسمت تلك الفترة بالتقلبات المثيرة، والأحداث المتلاحقة المتغيرة على المستوى الداخلي بالعراق، إضافة إلى المستويين العربي والعالمي.

كانت الحرب العالمية الثانية قد بدأت 1939م وتنافست دول المحور والحلفاء على كسب الدول إلى جانبها. وحرص الإنجليز على أن تكون البلاد العربية في جانبهم، وفرضوا وصاية كاملة، وتدخلاً واضحًا في تحديد اتجاه السياسة العراقية.

ظهرت اتجاهات سياسيه متضاربة الأهواء من الوطنيين المحافظين إلى القوميين العرب والشيوعيين. وعمَّت المظاهرات، وأصبحت ظاهرة متكررة. وكلما تألَّفت حكومة ثارت المظاهرات ودفعتها للاستقالة. وزاد الأمر سوءًا بتدخل الجيش في السياسة، فقد ثار عدة مرات منها عام 1941م حيث أبعد الوصي والملك فيصل الثاني. وخاف الإنجليز وتدخَّلوا عسكرىًا وضربوا بغداد بالطائرات وأعادوا الأمور إلى نصابها. ولم تستقر الحياة فكانت الحكومات تتعاقب وتُضطر إلى الاستقالة وتليها أخرى. وقد وصل متوسط عمر الحكومة إلى خمسة أشهر بل إن بعضها، مثل حكومة علي جودت الأيوبي، قد استقالت بعد شهرين فقط. ولكثرة التغيرات كان رئيس وزارة معينة يعود مرة أخرى، بل مرات، ليرأس حكومة أخرى ؛ وخير مثال لذلك نوري السعيد الذي رأس عشر حكومات، وتوفيق السويدي الذي رأس ثلاث حكومات، وغيرهما كثير من أمثال محمود الصدر، ومزاحم الباجَهْجِي.

في اليوم الثاني من شهر مايو عام 1953م تولى الملك فيصل الثاني سلطاته الدستورية من خاله الأمير عبدالإله. وكان وقتها قد بلغ الثامنة عشرة من العمر. وقد عمل الملك فيصل الثاني منذ توليه الحكم على استشارة المختصين. واسترشد بآراء خاله لفترة من الزمن، الذي نصحه بعض المقربين منه، أن يبتعد ويعطي الملك فيصل الثاني فرصة ليختار بنفسه من يشاء من رجال. وكان لهم ما أرادوا. وساعد ابتعاد خاله على تناسي الناس للخلافات السابقة التي حدثت في عصره، وأمَّل الجميع في بدايات جديدة.

سياسته الخارجية:

عمد الملك فيصل الثاني إلى اختيار سياسة كسب وُد الدول العربية وبقية الدول العالمية أيضًا. فرأس وفدًا أقام معاهدة مع تركيا. ودعا جيرانه من ملوك ورؤساء العرب لزيارة بلده ؛ وزارهم في بلادهم. وأول من دعا من الملوك العرب الملك سعود بن عبدالعزيز الذي لبَّى دعوة الملك فيصل الثاني وزار العراق عام 1957م. كما قام هو ـ مع وفد عراقي كبير ـ بزيارة الملك سعود بالرياض.

أما بالنسبة للإنجليز فقد كانت سياسته واضحة، وكانت مبنية على التعاون. وقد اختار خيرة السياسيين المحنَّكين لإجراء المفاوضات الخارجية مع الإنجليز، ومع الأمريكيين كذلك، بشأن شروط التعاون والمساعدات، والتدريب والتسليح والقروض.

الاتحاد مع الأردن. اشتدت الدعوة إلى اتحاد الدول العربية في الفترة التي تولى فيها الملك فيصل الثاني الحكم. وقد اتحدت مصر وسوريا بالفعل. وفكر الملك فيصل الثاني والملك حسين ملك الأردن في أن يتحد بلداهما ـ العراق والأردن ـ وتم الاتفاق على ذلك بسهولة، فالملكان سَليلا جَدِّ واحدٍ كان يأمل في توحيد العرب. ووقع الاتحاد بين البلدين في اليوم الرابع عشر من فبراير عام 1958م، وتم اختيار الملك فيصل الثاني رئيسًا للاتحاد، على أن يكون الملك حسين رئيسًا عند غيابه.

واستبشرت كثير من الدول خيرًا بهذا الاتحاد وهنأت الملكين. غير أنه لم يكتب لهذا الاتحاد الاستمرار فقد قام الجيش العراقي في يوليو 1958م بثورة قضت على هذا الاتحاد.

مقتله. ظل الجيش العراقي يتطلع إلى الحكم منذ فترة طويلة. وقام بعدَّة محاولات، منها انتفاضة بكر صدقي عام 1936م، ثم انتفاضة أخرى عام 1938م ثم انتفاضة ثالثة بقيادة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م ؛ وغير ذلك من الانتفاضات التي أخْمِدَتْ في مهدها. انتهز الجيش بقيادة عبدالكريم قاسم فترة الهدوء التي سادت في عهد الملك فيصل الثاني ودبر انقلابًا، في اليوم الرابع عشر من يوليو عام 1958م قتل على أثره الملك فيصل الثاني وأفراد عائلته وعدد كبير من الوزراء ورؤساء الوزارات السابقين.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية