الرئيسيةبحث

سوء استعمال العقاقير ( Drug abuse )



سوء استعمال العقاقير يقصد به الاستعمال الضار، وغير الطبي، لعقار يغير العقل. ويؤدي الاستمرار في سوء استعمال عقار معيّن، أو عدة عقاقير، تطلق عليها أحيانًا العقاقير المنشطة نفسيًا، إلى التدهور الصحي وبعض المصاعب الشخصية والنفسية. ويستخدم بعض الخبراء مصطلح سوء استعمال العقاقير، للإشارة إلى المصاعب المرتبطة باستعمال العقاقير المحظورة فقط، والتي يُطلق عليها أحيانًا اسم عقاقير الشارع، وبالرغم من ذلك فإن خبراء آخرين يعتقدون أن سوء استعمال العقاقير المسموح بها قانونًا، يدخل في هذا الباب، بما في ذلك العقاقير التي قد يوصي بها الأطباء.

وللموروث الثقافي تجاه عقار معيّن أهمية خاصة في تحديد ما إذا كان استعمال العقار ضارًا أو لا. فالكحول والمارجوانا مثلاً، لهما نفس درجة التسميم، ولكن العديد من المجتمعات تسمح باستعمال الكحول باعتدال، بينما ترفض بشدة أي استعمال للمارجوانا مهما كان ضئيلاً. هذا الموروث الثقافي، ينعكس في شكل قوانين دوائية. ولذلك فإن بيع الكحول، مسموح به في العديد من الدول في حين أن بيع المارجوانا محظورٌ في كل الدول.

ويؤدّي وجود مثل هذا الموروث الثقافي تجاه عقار معيّن، إلى صعوبة التفريق بين الاستعمال القانوني للعقار وسوء استعماله. فتناول المشروبات الكحولية مثلاً، مسموح به في العديد من المجتمعات غير الإسلامية، منذ آلاف السنين، ولكن مع ذلك فالكحول من المواد التي يساء استعمالها، على نطاق واسع في العالم.

العقاقير التي يُساء استعمالها:

معظم العقاقير التي يُساء استعمالها، عادةً محظورة، بمعنى أن القانون لا يسمح بحيازتها، أو بيعها. من هذه العقاقير المارجوانا، والكوكايين، والهيروين، وعقاقير الهلوسة مثل، عقاقير ل.س.د. والمَسكالين. وتوجد عقاقير يساء استعمالها، ولكن يمكن الحصول عليها بترخيص طبي. من هذه العقاقير الأمفيتامينات، والباربتيورات، وما يرتبط بها من مسكنات، والمورفين، والمهدئات. كما توجد كذلك عقاقير يُساء استعمالها عادة، ولكن يمكن الحصول عليها، دون ترخيص طبي في معظم الدول. من هذه العقاقير الكحول، والنيكوتين في التبغ، ونتريت البيوتيل، وبقية النشوقات، مثل الدخان الناتج عن محاليل التنظيف، والبترول، والغراء.

لماذا يُسيء الناس استعمال العقاقير:

يلجأ معظم الناس باستمرار، إلى استعمال العقاقير بغرض الحصول على تغيير ممتع لحالتهم العقلية أو هكذا يتوهمون. ويتفاوت هذا التغيير من الانتشاء الخفيف، إلى التأثير النفسي الشديد. ويستعمل الكثيرون عقاقير، مثل الكحول، والمارجوانا، والكوكايين للوصول إلى النشوة أو الشعور بالحيوية. وقد يؤدي الاستعمال المفرط لهذه العقاقير إلى تغيير الحواس والإدراك.

يبدأ الشخص تجربته مع العقاقير، لعدة دوافع، منها حبُّ الاستطلاع، أو بهدف الابتهاج، أو للتعبير عن تمرد، أو لأن أصدقاءه من مستعملي العقاقير، أو هربًا من الهموم، أو المشاكل الشخصية، مثل المشاكل المتعلقة بالدراسة، أو العمل، أو المشاكل العائلية. وبصرف النظر عن العوامل التي أدت إلى استعمال العقاقير، فإن الكثيرين يواصلون استعمال العقار، لأنهم صاروا غير قادرين على الفكاك منه.

تأثيرات سوء استعمال العقاقير:

يؤدي الاستعمال المنتظم لبعض العقاقير، إلى ما يعرف بـالاعتماد ونعني بذلك أن استعمال العقار، يصبح عادةً يصعُب التخلي عنها. والاعتماد على العقار، يرجع جزئيًا إلى الاعتماد النفسي وينطوي هذا، على وجود رغبة مُلحّة، للحصول على الراحة النفسية، التي يوفرها العقار. ويعود جزئيًا أيضًا، إلى الاعتماد الجسماني. والمصابون به تتولد لديهم حالة تُسمى حالة تحمُّل العقار، بمعنى أن الشخص يحتاج إلى جرعات أكبر من العقار للحصول على نفس التأثير. وإذا حدث أن أُصيب شخص ما بحالة تحمل العقار، ثم توقف عن استعماله، فسوف يعاني ما يُعرف بـانقطاع العقار. وهنا يبلغ احتياج الجسم للعقار، درجة من الشدة، يضطر معها مستعمل العقار، إلى البحث عن مزيد منه، بالرغم من ضرره على الجسم. هذه الحالة تُعرف بـالإدمان، وتعتبر من أخطر المشاكل الصحية. فالكحولية مثلاً، أو إدمان الهيروين يمكنهما تدمير صحة الفرد، وحياته الشخصية. ★ تَصَفح: إدمان المخدرات.

وتنطوي التأثيرات المباشرة للعديد من العقاقير، التي يُساء استعمالها، على مخاطر جسيمة. فالكحول مثلاً والمارجوانا، والمهدئات تقلل من الانتباه الذهني، وتناسق العضلات. وتحدث في كل عام آلاف حوادث الحركة، يتسبب فيها أشخاص يقودون سياراتهم تحت تأثير العقاقير، وخاصة الكحول. وقد يؤدي الإفراط في تناول الكحول والكوكايين، والحبوب المنومة، والهيروين إلى الإغماء أو الموت. وقد تشل هذه العقاقير عملية التنفس. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدّي الإفراط في تناول الكوكايين إلى توقف نبضات القلب. والكثير من العقاقير المحـظورة، غير نقية وتتفاوت الدفعات المختلفة من العقار الواحد في قوتها. وقد يؤدي الاستعمال المفرط من دفعة عقارية عالية القوة إلى الموت.

وتؤدي عقاقير الهلوسة إلى الهلوسة حيث يرى الشخص، أو يسمع أشياء غير موجودة في الواقع. فعقار ل.س.د. مثلاً، وهو عقار يجعل المتناول يحس بانفصال عن واقعه، وقد يولّد أحيانًا رد فعل عنيفاً لدى المتناول. وبالإضافة إلى ذلك، فإن متعاطي العقاقير، عبر الوريد، الذين يتبادلون الإبر تحت الجلدية والمحاقن، عرضة للإصابة بالأيدز (مرض نقص المناعة المكتسب) والأمراض الأخرى.

علامات سوء استعمال العقاقير:

تؤثّر معظم العقاقير التي يُساء استعمالها، على سلوك الشخص. ويكون هذا التأثير واضحًا في بعض الحالات. فمثلاً يؤدّي الإفراط في استعمال الكحول، أو الحبوب المنومة، إلى ضعف التناسق العضلي، وتعثر النطق، والميل إلى النوم، كما يؤدي تناول الأمفيتامينات، والكوكايين إلى القلق والثرثرة. وفي حالات أخرى، لا يكون التأثير واضحًا، ولا يعرفه إلا المدمن نفسه، والأمثلة على ذلك تأثيرات التبغ والمارجوانا.

ونظرًا لأن العديد من متعاطي العقاقير، يحيطون نشاطهم عادةً بالسرية، فإن ممارساتهم تظل بعيدة عن أعين الآباء أنفسهم، أو الأصدقاء الحميمين. وقد يكون التّغيب عن المنزل أو المدرسة أو العمل وكذلك التدهور في المستوى الدراسي، أو الكفاءة العملية دليلاً على استعمال العقاقير. ويُعتبر تغيير الشخصية كذلك مؤشرًا على استعمال العقاقير، ولكن مثل هذا التغيير يحدث كثيرًا، دون استعمال العقاقير.

الوقاية من سوء استعمال العقاقير:

الوقاية من سوء استعمال العقار، أفضل من محاولة وقفه، بعد بداية الممارسة. ويبدأ معظم مستعملي العقاقير ممارساتهم، في سنوات البلوغ، أو مطلع العشرينيات من العمر. وهنا يأتي دور آباء المراهقين، الذي يتمثل في وضع معايير سلوكية قويمة لأبنائهم، ومناقشة موضوع استعمال العقاقير معهم. وعليهم كذلك أن يكونوا قدوة لأبنائهم، وذلك بتجنب استعمال العقاقير. وإذا حدث أن لاحظ الآباء، بوادر سوء استعمال العقاقير على أحد أبنائهم، فعليهم عرضه فورًا على الطبيب، أو الاستشاري المختص، أو أية مؤسسة اجتماعية مهتمة بالأمر.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية